القائمة الرئيسية

الصفحات

درس تاريخ : تونـــس في العـــشريــنات : تلاميذ سنة رابعة اداب

تونـــس في العـــشريــنات 

مقدمة :

 تميزت فترة العشرينات بعمق تأثيرات الحرب العالمية الاولى التى تجاوزت فرنسا كمركز استعماري لتشمل مستعمراتها , فقد زادت حدة التناقضات بين التونسيين و الفرنسيين بسبب تعدد الاجراءات الرامية الى تدعيم الاستعمار الفرنسي بتونس و ماخلفته من انعكاسات سلبية طالت تأثيراتها مختلف فئات المجتمع التونسي .فماهي ظرفية تطور الحركة الوطنية التونسية غداة الحرب العالمية1 ؟ و ماهي ردود فعل التونسيين تجاه السياسة الاستعمارية ؟ و ماهي حصيلتها ؟

- ظروف تطور الحركة الوطنية التونسية في العشرينات ( غداة الحرب العالمية الاولى )

1- الظروف الداخلية :

أ- استنزاف الطاقة البشرية: اضطرت تونس الى المساهمة قسريا بأبنائها (حوالى 80 ألف تونسي)  في الجيش الفرنسي أثناء الحرب العالمية 1 مما أفقدها حوالي 15 ألف قتيل و 10 ألف جريح.

ب- العودة الى الاستعمار الزراعي و توريد البضائع المصنوعة : استأنفت فرنسا بعد الحرب الع1 الى سياسة انتزاع الاراضي من التونسيين خاصة أراضي الاحباس ( الاوقاف) و أراضي القبائل ( العروش) بدعوى انها  غير مُستثمرة . كان ذلك لدعم مصالح جاليتها بتونس (المعمرون ) و لضمان تزويد أسواقها بالمواد الغذائية, في هذا الإطار تمكنت من ضم حـــــوالي 554 ألف هكتار لفائدة معمـــــرين فرنسيين إلى جانب الإيطاليين و المالطيين.

كما شجعت فرنسا استراد المصنوعات الفرنسية حيث  أضر كل ذلك بمصالح الفلاحين و الحرفيين والتجار التونسيين و زاد من غضبهم وحقدهم على المستعمر الفرنسي خاصة امام عجزهم عن منافسة هذه البضائع .

ج- سن قانون الثلث الاستعماري :  .

الثلث الاستعماري ” قانون سنه المقيم العام الفرنسي في تونس إيتيان فالدان سنة 1919 .

نص هذا القانـــون على الرفع في أجـور الموظفين الفرنسيين في تونس بنسبة 1⁄3 مقارنة بنظرائهم في فرنسا  و ذلك لإغراء الفرنسيين و تحفيزهم للقدوم إلى تونس.

عمق هذا القانون عند تطبيقه الفوارق في الأجور بين الموظفيـــن الفرنسيين و نظرائهم التونسييــــن و أغلق باب الوظيفة العمومية أمام المثقفين التونسيين . لذلك أثار هذا القانــــون غضب الموظفين التــــونسيين وزاد من نقمتهم على النظام الاستعمـــــاري الفرنسي و عزز من أعداد المنخرطين في العمل الوطني

 د- الازمة الاقتصادية و غلاء المعيشة : شهدت تونس بين 1919/ 1924 سنوات عجاف ( جفاف)  تدنت فيها المحاصيل، فظهرت المجــاعة و الاوبئة مجددا خاصة سنة 1920 بالمقابل ، ارتفعت الأسعار بسبب التضخم المالي الذي عقب الحرب الأولى  حيث مر مؤشر الأسعار من 100 إلى 311 بين 1914 و 1920.

كبل نظام الحماية البلاد التونسية بالقروض بدعوى “ تجهيز” البلاد خدمة لمشروعه الاستعماري و لتوفير مداخيل إضافية لدفع أجور الموظفين الفرنسيين و بالتالي دعم جالية المعمرين الفرنسيين.

و لتوفير كل هذه المبالغ ، لجأ نظام الحماية إلى :

   *- رفع قيم الضرائب القديمة : مثل ضريبة الاستيطان و القانون و العشر ..

   *- “استنباط ” ضرائب جديدة: اعتباطية في أغلبها ، مثل: ضريبة على رؤوس الماشية، و أخرى على الأرباح التي حققها التجار التونسيون أثناء الحرب ، بلغت ما بين 50 و 80 ℅.

2- الظروف الخارجية : ( ظرفية عالمية ملائمة ) :

أ- تأثير مبادئ الرئيس الأمريكي ولسن :

هي مجموعة مبادئ عرضها الرئيس الأمريكي توماس ويلسون أثناء انعقــــاد مؤتمر السلم بباريس سنة 1919 و المتعلقة بحق الشعوب في تقرير مصيرها .

وجد التونسيون في هذه المبادئ حافزا لهم و طالبوا بتطبيقها رغبة منهم في التحـرر و الإنعتاق .

فقد وجهت “ اللجنة التونسية الجزائرية ” بزعامة محمد باش حامبة المنفي آنذاك في سويسرا، نداءا برقيا إلى الرئيس الأمريكي ولسن في 2 جانفي 1919 دعاه فيه إلى تطبيق على الشعـــــوب المُستعمَـــــرةِ التي ساهمت في انتصار الحلفاء .

كما وجهت هذه اللجنة مذكرة إلى مؤتمر السلم بباريس تطلب فيها تمكين الوطنيين من حضور أشغال المؤتمر للدفاع عن قضيتهم ضد الاستعمار الفرنسي .

لكن تبين أن المبادئ الولسنية لم تعني سوى الشعوب التي كانت خاضعة للهيمنة الألمانية و النمساوية.

ب / تأثير الثورة البلشفية :

أعلنت الثورة البلشفية منذ اندلاعها في أكتوبر 1917 موقفا مناهضا للاستعمار .

ثم أكدت هـذا الموقف“ الأممية الثالثة الشيوعية”* و تصدير الثورة و التي دعت كل الأحزاب الشيوعية فـي العالم إلى دعم كل الحركات المناهضة للاستعمار .

تبنى هذا الموقف الفرع الفيدرالي للأممية الشيوعية في تونس ، مـــن خلال الدعوة العلنية إلى تحرير تونس و دعم الحركة النقابية التونسية المستقلة بقيادة محمد على الحامي سنة 1924.  

ج / صدى حركات التحرر في تركيا و مصر :

*ــ الحركة الوطنية في تركيا:

كان للحركة الوطنية التركية صدى كبيــــــرا لدى الوطنيين التونسيين، خاصة بعد أن تمكن زعيم الحركة مصطفى كمال أتاتورك من هزم اليونانيين و طرد الحلفاء سنة 1921 .

اعتبرت الأوساط المثقفة و الشعبية التــــونسية الانتصارات الكمــــــالية دفاعا عن العالم الإسلامـي ضد الاستعمار.

*ــ صدى الثورة المصرية :

تأثر الوطنيون في تونس بحركات التحرر في المشرق العربي مثل الثورة المصــــرية التي قـادها سعد زغلول باشا في 1919 ضد الاستعمار الإنجليزي . و قد تمكن زغلـــول (بعد ان اضطرت السلطة البريطانية الى اطلاق سراحه ) من السفر إلى باريس ضمن   وفد ” مصري للدفاع عن القضية المصرية في مؤتمر الصلح بباريس سنة 1919 . توجت هذه النضالات  بإعلان استقلال مصر سنة 1922.

ساهمت الأحداث في مصر في تنامي الوعي الوطني بالبلاد التونسية.

 

تضافرت مجموعة من العوامل الداخلية و الخارجية لتوفير أرضية ملائمـــة لتعبئة كل فئات المجتمع التونسي ضد الاستعمار الفرنسي ، كما ســاهمت في تنامي الوعي الوطني و بناء دعائم حركة وطنية مهيكلة خلال العشرينات .

 

تطور الحركة الوطنية في العشرينات: نشأة الحزب الحر الدستوري التونسي .

1- ظروف نشأة الحركة الوطنية  : من الحزب التونسي الى الحزب الحر الدستوري التونسي .

أ- الحزب التونسي : ظهر الحزب التونسي في ربيع سنة  1919 ، و ضم شخصيات من قدماء حركة الشباب التونسي مثل : عبد العزيز الثعالبي و أحمد الصافي و حسن القلاتي و ثلة من الصحفيين و المحامين و الأطباء.

وقد أرسل الحزب في مارس 1919 مذكرة الى الرئيس الامريكي ولسن و الى وفد مؤتمر الصلح بباريس يطالب  بتطبيق مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها على البلاد التونسية

تركز نشاط هذا الحـــــزب بالخارج حيث تم إرســال أحمد السقا إلى بـاريس منذ أفريل 1919 والتحق به الثعالبي في جويلية   و كان لهما اتصالات ببعض القادة الاشتراكيين و رئيس رابطة حقوق الإنسان .

و للتعريف بواقع البلاد التونسية ضاغ عبد العزيز الثعالبي  كتاب " تونس الشهيدة" سنة 1920 و ترجمه أحمد السقا الى الفرنسية.

تعرض في جزئه الأول إلى تجاوزات نظام الحماية منددا بالاستعمار الزراعي و تدهور الصناعة و التجارة التونسية و بسياسة التمييز بين التــونسيين و الفرنسيين في الأجــــور و القــروض و الوظيفة العمومية و إقصاء التونسيين من المساهمة في إدارة البلاد،كما ندد بسياسة قمع الحريات.

وقدم الكتاب في جزئه الثاني جملة من المطالب باسم الشعب التونسي ، أهمها  :

* إرساء نظام دستـــــوري قائم على مبدأ الفصل بين السلط ، يمنح السلطة التنفيـــــذية للباي ، تكــــون الحكومة فيه مسؤولة أمام مجلس أكبر يتمتع بالسلطة التشريعية .

* و تكون السلطة القضائية بيد قضاة تونسيين .

* المطالبة باستقلال البلاد تطبيقا لمعــــاهدة الحماية التي لا تخول  لفرنسا ســـــوى الاضطلاع بالسياسة الخارجية .

لقي هذا الكتاب صدى واسعا في تونس رغم منعه مــن طرف سلط الحماية، و أصبح بمثابة “ البيان ” الذي سينشأ على أساسه الحزب الحر الدستوري التونسي سنة 1920.

ب / الحزب الحر الدستوري التونسي :

* نشأته و هياكله :

أيقن عبد العزيز الثعالبي و رفاقه بضرورة الاعتمـــــاد على حــــزب جمـــــاهيري لتحقيق المطالب الوطنية.

ذلك بعد تجاهل مطلب التونسيين المنسجم مع مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها،من ناحية و بعد هزيمة الأحـزاب اليسارية (الداعمة للستقلال الشعوب)في فرنسا و التي راهنت عليها الحركة الوطنية في انتخابات 1919 من ناحية أخرى أرسل الثعالبي إلى الوطنين بتونس في فيفري 1920 برسالة يأمرهم فيها بتكوين حزب سياسي منظم يطلق عليه اسم "الحزب الحر الدستوري التونسي" و ضرورة الاستعداد إلى كفاح طويل ضد الاستعمار .

وقد برزهذا الحزب  للوجود في مارس 1920 و هو يعتبر أول حزب عصري بالمغرب العربي تتكون قيادته من لجنة تنفيذية تكون مسؤولة أمام المجلس المالي المتكون من نواب من العاصمة و نواب عن بقية الولايات كما كان الحزب يملك برنامج عمل و مقرا خاص به و شعب في مختلف الجهات  و بطاقات اشتراك و صحف ناطقة باسمه  .

*برنامجه : من الحكم الذاتي الى اصلاحات في نطاق نظام الحماية :




هل اعجبك الموضوع :

تعليقات