اســـتـــقــــلال الجـــزائــــر
المقدمة: جابه الشعب الجزائري الغزو
الاستعماري الفرنسي بالكفاح المسلح في مرحلة أولى، ثم برزت حركة وطنية تطورت
مطالبها و أشكالها النضالية تأثرا بتطور الظرفية العالمية والداخلية. استفادت
الحركة الوطنية الجزائرية من الظرفية الجديدة المنبثقة عن الحرب العالمية الثانية
لتدخل مرحلة حاسمة في مسيرتها نحو الاستقلال.
فماهي جذور الحركة الوطنية الجزائرية و تطورها قبيل الحرب العالمية
الثانية ؟ و كيف كانت مسيرتها نحو الاستقلال ؟
I
جذور الحركة الوطنية الجزائرية وتطورها قبيل الحرب العالمية الثانية:
1. المقاومة المسلحة : اندلعت منذ 1830 تاريخ
الاحتلال الفرنسي للجزائر وتواصلت بصفة متقطعة إلى نهاية القرن 19. من أبرز رموزها
الأمير عبد القادر الذي تزعم أخطر و أطول مقاومة في الغرب (تمكن من بعث نواة دولة
عربية إسلامية عاصمتها معسكر) امتدت من 1832 إلى 1847.
2. بروز التيارات الوطنية :
أدى تفكك البنى الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية في ظل السياسة الاستعمارية إلى
ظهور بوادر حركة وطنية تجاذبتها تيارات مختلفة وانقسمت بين أنصار الاندماج و أنصار
المطالبة بالاستقلال و دعاة الإصلاح وهي:
تيار "الشباب الجزائري" : - تیار
نخبوي حضري ظهر منذ 1908 وطالب بالمساواة مع الفرنسيين و تحسین وضع الجزائريين
- انضم هذا التيار في 1919 إلى حركة الأمير خالد الذي طالب في رسالة
إلى الرئيس الأمريكي ولسن بحق تقرير المصير للجزائريين المسلمين
- قدم هذا التيار من 1924 إلى 1936 برنامجا إصلاحيا فيه مطالبة
بالاندماج في فرنسا.
نجم " شمال إفريقيا " : منظمة
عالية تأسست سنة 1926 في أوساط المهاجرين من أقطار شمال إفريقيا تزعمها منذ 1927
الجزائري أحمد مصالي الحاج (عامل جزائري بفرنسا) فتحولت إلى حركة وطنية شعبية
تناضل من أجل إستقلال الجزائر و بقية بلدان شمال إفريقيا اعتمادا على الصحافة و
التثقيف العمالي و تقديم العرائض لجمعية الأمم لذلك تم حضر نشاطها بفرنسا سنة 1929
ثم وقع حلها بالجزائر في 1936 من طرف حكومة الجبهة الشعبية فأسس مصالي الحاج
"حزب الشعب الجزائري" في مارس 1937.
" جمعية العلماء المسلمين الجزائريين "
: تأسست سنة 1931 وتزعمها عبدالحميد بن باديس ، دافعت عن مقومات الشخصية الجزائرية
وعلى فكرة الأمة من خلال حماية اللغة العربية والدعوة إلى الإسلام الصحيح. كما
شاركت سنة 1936 في " المؤتمر الإسلامي الجزائري " وهو أول مبادرة لتوحيد
تطلعات مختلف التيارات الوطنية رغم برنامجه الذي يكرس الاندماج.
منذ صعود الجهة الشعبية
بفرنسا وتقديمها لمشروع بلوم- فيوليت الاندماجي الذي يمنح حق المواطنة لـ 21 ألف
من الجزائريين " المتطورين " تخلت مختلف التيارات الوطنية على مطالبها
الاندماجية و الإصلاحية لتلتحق بدعاة الاستقلال.
II
II. مسيرة الجزائر نحو اللإستقلال:
1. نمو الحركة الوطنية وتجذرها ( 1942- 1954 )
+ شهدت هذه الفترة تجذر
الحركة الوطنية اذ تقاربت مختلف التيارات الوطنية و تخلت عن مطالبها
الاندماجية وتجلى ذلك من خلال:- صدور " البيان الجزائري " في 10
فيفري 1934 الذي طالب بإصلاحات جوهرية تجسد حق الجزائريين في تقرير مصيرهم .
تكوين فرحات عباس ممثل تيار "المنتخبين" و جمعية
العلماء وحزب الشعب السري "لـ جمعية أصدقاء البيان
والحرية " في مارس 1944 و التي وقعت تحت تأثير حزب
الشعب بقيادة مصالي الحاج المنادي بالاستقلال بالقوة.
+ردود فعل السلطات الاستعمارية : نفي مصالي الحاج في أفريل
1945 فاندلعت أحداث سطيف وقالمة (ماي1945) التي تم قمعها بصفة وحشية مع حل جمعية
أصدقاء البيان.
+النتيجة : - بروز اتجاهين الأول كونه فرحات عباس تحت اسم
"الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري" في 1946 خير العمل في نطاق
الشرعية ليصرح في 1953 بأنه " لم يبق من حل إلا الرشاشات " والثاني بعثه
مصالي الحاج ويسمى "حركة انتصار الحريات الديمقراطية" من أجل تحقيق
الاستقلال بالقوة و الذي كون في 1947 " المنظمة الخاصة " (الجناح العسكري
لإعداد المقاومة المسلحة.
2. الثورة المسلحة (1954
- 1962)
أصدر الوطنيون في 31 أكتوبر
1954 بيانا أعلنوا فيه عن بعث "جبهة التحرير الوطني" وجيش
التحرير الوطني و أهداف الثورة التي طغي على عملها العمل المسلح دون إهمال
العمل السياسي و الديبلوماسي:
+العمل المسلح : اتخذ تنظيما محكما وقاده جيش التحرير
الوطني الذي تعزز بالمتطوعين ليبلغ عدده 100 ألف مقاتل مارسوا حرب العصابات في
الأرياف والمدن وتلقوا الدعم من مصر و البلدان الشيوعية و من تونس والمغرب الأقصى
و تواصل إلى 18 مارس 1962 (انتهاء مفاوضات ايفيان).
+العمل السياسي : انضمت كل الأحزاب تقريبا إلى جبهة التحرير
التي عمل قادتها في الداخل على تعبئة العمال بتأسيس نقابات مثل الاتحاد العام
للعمال الجزائريين كما كونوا هياكل مسيرة للثورة (المجلس الوطني للثورة)
واتفقوا على هدف بعث جمهورية جزائرية موحدة و شكلوا في 1958 حكومة مؤقتة للجمهورية
الجزائرية برئاسة فرحات عباس.
+العمل الديبلوماسي : تمكن قادة الجبهة بالخارج المستقرين
بالقاهرة (بن بلة - محمد خيضر- حسین ایت أحمد..) من كسب المساندة للقضية الجزائرية
بفضل تكثيف اتصالاتهم بالدول العربية والإسلامية و الشيوعية و خاصة الاتحاد
السوفياتي كما كسبوا مساندة الكتلة الإفريقية الأسيوية أثناء ندوة باندونغ (1955)
و القاهرة (1957) وهو ما ساهم في تدويل القضية الجزائرية التي رفعت أمام منظمة
الأمم المتحدة منذ 1956.
3. التفاوض مع السلطات
الفرنسية و انتزاع الاستقلال:
عملت السلطات الفرنسية على إخماد الثورة بالقمع والتعذيب مع معالجة
الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية ولكن اتساع نطاق الأعمال العسكرية و تنامي
الضغوطات الداخلية والخارجية جعلها تجنح إلى التفاوض بصفة علنية منذ 1958
في عهد الجنرال ديغول و أفضت مفاوضات ايفيان رغم تعثرها ( ماي 1961
إلى مارس 1962) إلى إعلان استقلال الجزائر في 1 جويلية 1962 بعد إجراء
استفتاءين في فرنسا و الجزائر.
الخاتمة : استفادت الحركة الوطنية الجزائرية من الظرفية الجديدة المنبثقة عن الحرب العالمية الثانية لرفع مطلب الاستقلال و أمام تمسك السلطات الفرنسية بمشروعها الاندماجي و إنتهاجها سياسة قمعية طغى العمل المسلح على العمل الوطني لتتمكن الجزائر من الحصول على الاستقلال التام بعد تقديم عدد كبير من الشهداء .
تعليقات
إرسال تعليق